18 ديسمبر 2011

احدب نوتردام



من أجمل الشخصيات الروائية لفيكتور هوجو شخصية الأحدب. تدور احداث الرواية حول رجل أحدب (مقوس الظهر) يقع في حب امرأة جميلة محاولا التضحية بحياته عدة مرات من اجلها
وبدا انه حب رجل لامرأة ارتفع الكاتب بمستواه بالقدرة على التصويرلكن الواقع أن الأحدب بفعل الإعاقة والنكران والقمع، وقع في حب دفء الجمال الأنسانى المحروم منه – والموجود أيضا بأعماقه الداخليةجمال ظهر أمامه في صورة امرأة ، كانت لطيفة معه ولم تسخر من إعاقته أو شكله المشوه.
وليس مجرد حب رجل لامرأة ، أن سبب تضحياته من اجلها يهدف لإبقاء هذا الجمال الأنسانى في الحياةوعدم حرمان الوجود منه، لقد أدرك - وهو المعوق – أن فناء جسده القبيح يعنى استمرارية أعماقه الإنسانية الجميلة بالبقاء ، لقد ظل احدب نوتردام قابعا خلف أسوار الكاتدرائية ، منعزلا عن العالم ، عاجزا عن اى اتصال خارجي، كرمز لإعاقة تفصل الانسان عن العالم ، وكاتهام لمجتمع يعزل الإعاقة ويخفيها ويحتقر الضعيف وينهش المحرومين ، وما يتحكم في كل ذلك هو المنظومة الحاكمة.
لقد تحول الأحدب إلى كيان منعدم وعاجز عن الفعل، حتى تأتى الشرارة التي أنارت ما بداخله المتمثلة في الجمال الأنسانى – المرأة – فيحدث التغير ويمتلك القدرة على تغير مجرى الأحداث ، ويصبح مصير القوة في يد المتحكم فيهم ، ويتفوق احدب نوتردام على الجميع بأن يصبح أفضل منهم.

الرواية بالانجليزية : اضغط هنـــــــــــا  للتحميل
الرواية مترجمة الى العربية: اضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا للتحميل


2 نوفمبر 2011

اعترافات اغسطين



مؤلفات هذا الفيلسوف كثيرة، ولكن كتاب الاعترافات يعد من الكتب القليلة التي اثرت في حياة الكثيرين. واغسطينوس في هذا الكتاب يدون ترجمة حياته، ولكنه لم يقصد بهذا ان يطلعنا على ما فيها من خبرة ذاتية بل على ما في هذه الخبرة الشخصية من قانون عام يصلح تطبيقه على الانسان في كل زمان ومكان.

ونسأل ما هي خبرة الفيلسوف الذاتية؟

جوابنا عن هذا السؤال هو جواب اغسطينوس نفسه.
اضطراب في بداية حياته بسبب حجج المشككين، قادته الى ازمة شك حادة، شعر انه يضل الطريق، وانتفى منه اليقين او كاد. غير ان الانسان لا يستطيع ان يمضي بالشك الى الحد الاقصى. لماذا؟
لان الانسان لا يستطيع ان يحيا بدون يقين.
 لكن اين اليقين؟
اليقين كائن في الشك نفسه.
كيف؟
هنا يسرد اغسطين الحوار الاتي للجواب على هذا السؤال:
- انت يا من يريد ان يعرف نفسه، هل تعرف انك موجود؟
- اعرف ذلك.
- من اين تعرف؟
- لا ادري.
- هل تحس نفسك بسيطا ام مركبا؟
- لا ادري.
- هل تعلم انك تتحرك؟
- لا اعلم.
- هل تعلم انك تفكر؟
- اعلم.
وتسألني ما دلالة الحوار. دلالته ان الانسان على يقين انه يفكر لانه يشك. اذن الشك المطلق محال، فثمة حقيقة مؤكدة هي انني افكر. وتسأل ما حقيقة هذا الفكر. من المؤكد ان المواد الطبيعية لا تنتج فكر، اذ ان الفكر يستطيع ان يشك في وجود هذه المواد، ولكنه لا يستطيع ان يشك في ذاته.
غير ان الفكر يستطيع ان يشك في افكاره. فاذا ما استيقن الفكر حقيقة ما، معنى ذلك انه ليس مصدر هذه الحقيقة.
فما هو هذا المصدر اذن؟
لابد ان يكون اسمى من العقل وهو لن يكون الا الله.
والخلاصة من كل هذا ماذا تكون؟
الخلاصة ان العقل وحده ليس كافيا لمعرفة اليقين كله. اذن هو في حاجة الى شئ اخر. انه الايمان. وعندئذ يحق لنا هذا القول "تعقل لكي تؤمن". وبالفعل اتى الايمان الى اغسطين وتم في لحظة، وما كان ينبغي الا يتم الا في لحظة. ومن بعدها كان القديس اغسطين في علاقة مع الله. وموضع الابهار في هذه اللحظة انها شملت قوى النفس كلها وضمتها كلها حول حقيقة واحدة. وللعقل بعد ذلك مهمة ثانية، هي مهمة تفهم الحقائق الدينية. بحيث نقول "امن كي تتعقل". العقل اذن للايمان والايمان للعقل. وهذا هو القانون العام يستخلصه اغسطين من خبرة ذاتية.
واول ما يخطر على البال ان اغسطين يدين بالعقل كنقطة للبداية الا انه الخاطر الاول، ولكنه لم يكن كذلك.
فالعقل يبين لك الطريق ولكنه لا يبين لك البواعث التي تحركك الى ذلك الطريق. والباعث المحرك في رأي القديس هو نقاء السريرة. فحين يقول الجاهل في قلبه لا يوجد له (مز14).  فانما يقول ذلك لحماقة في قلبه وليس عقله. ونقاء السريرة لا ينطفئ له ضياء فيضئ للعقل ويضئ للايمان. ومن تمام الوضوح في هذه الحقيقة ما نشاهده من ان الايمان لا يدركه الجميع. يحق اذن القول تطهر لكي تؤمن. وهذه نقطة للبداية في فلسفة القديس اغسطين، يلمحها في ثنايا مذهبه كل من له دراية به. وما اقواها من نقطة للبداية. وما اعظمها اثرا في دوافع الايمان، وما اولانا ان نتيقن من ذلك كلما مرت اجيال واجيال في تاريخ الانسان، وهو يبحث عن الايمان فلا يجده الا بمقدار ما في قلبه من نقاء ومحبة، لا بمقدار ما في عقله من قوة وذكاء.
د مراد وهبة
====

خلفية هذا الكتاب:
إقام القديس في قرطجنة عندما بلغ السابعة عشرة من عمره وظل فيها حتى التاسعة عشرة. وكانت مصادر حيرته في هذه الفترة:
أولا - حب المناظرات.
ثانياً - التقدم في الدراسات الفلسفية ومحبة الحكمة.
ثالثاً - عدم التلذذ بالكتاب المقدس.
رابعا - الضلال مع المانويين ودحض بعض عقائدهم.
و لو حللنا هذه الاربعة امور، لوجدنا انها تتعلق كلها بالبحث عن المعرفة و لكنها من المصدر الخاطئ.. و هي مشكلة قديمة من ايام ابينا ادم الذى اشتهى ان يصير "عارفا الخير و الشر".

لقد سجل القديس اعترافاته في كتاب تقرأه كل الاجيال و لا يخاطب الكتاب القارئ انسان ايا من كان و لكنها كلمات اعتراف تخرج من فم قديس جاث فى محضر الله يعدد فيها تفاصيل حياته منذ لحظة ميلاده.. ولا يعترف فقط بذنوبه و لكنه ايضا يعترف بنعم الله. اسمعه و هو يقول مثلا عن دور الرضاعة:

"لست أذكر ، ولكني سمعت من والديً اللذين صورتني من جسديهما في وقت من الأوقات ! لقد سمعت أنك أعطيتني لبن المرأة غذاء أنعم به ، أن أمي ومربياتي لم يملأن أثدائهن باللبن لأجلي ولكنك أنت - تبعا لشريعتك التي قسمت بها ثرواتك في الينابيع الخفية لكل الأشياء - قد وهبت ليً طعام الطفولة بواسطتهن كما وهبتني أن لا اشتهي أكثر مما أعطيته لهن ! لقد كانت مربياتي بعاطفة علوية تلقينها من السماء يعطينني عن طيب خاطر ما فاض عليهن مما أعطيته لهن ، وفائدتي منهن كانت حسنة لهن وإن لم تكن في الواقع منهن بل بواسطتهن ! لأن كل الأشياء الحسنة هي منك يا الله .."

لا يخلوالكتاب ايضا من المناجاة لله من اول صفحة فيه و حتى الخاتمة . اتركك ايها القارئ مع مشاعر نفس مرهفة تعترف لله وتسبحه ايضا..

في اعترافه يسبح الله فيقول:
عظيم أنت يا رب وأعظم من أن تٌسبح
عظيمة هي قوتك أما حكمتك فإنها تفوق كل وصف .
ربي ، إنك جدير بأن يسبحك الإنسان ، الإنسان الذي ليس إلا ذرة من خليقتك الإنسان الذي يقاسي موته ، ذلك الموت الشاهد علي خطيته وإثمه ، ومع ذلك فهل هو يسبحك؟ ليتك توقظنا لنبتهج في تسبيحك . لانك صنعتنا لك وسيظل قلبنا مضطرباً إلي أن يرتاح فيك!
هَب لي يا رب أن أعلم وأفهم أيهما يكون أولا، أأدعوك أم أسبحك ؟ وأيضاً أأدعوك أولا أم أعرفك؟ إذ من ذا الذي يقدر أن يدعوك وهو لا يعرفك ، لأن الذي لا يعرفك قد يدعو سواك قاصداً بهذا أن يدعوك أنت !
ونحن الذين ندعوك هل نعرفك ؟ !
ولكن كيف يدعون الذي لا يؤمنون به ؟ وكيف يؤمنون بلا كارز ؟ إن الذين يطلبون الرب يجدونه والذين يجدونه يسبحونه .

كتب للتحميل:
1- خواطر فيلسوف في الحياة الروحية تجده هنــــــا
2- كتاب اعترافات اغسطينوس تجده هنـــــــــــــا
3- اغسطينوس الفيلسوف والقديس تجده هنــــــــــا 
4- الايمان بأمور لا ترى تجده هنـــــــــــا

1 نوفمبر 2011

قصاصات: كتاب "الله و الشر و المصير"



ان موقف الله من الشر الخلقى، أى الخطيئة، كما يتصور بعض الناس، أشبه ما يكون بموقف أحدنا إذا ما لحقته إهانة، فهو متربص لمرتكبى الخطيئة ويصبّ عليهم جام غضبه وينزل بهم أشد الويلات، ويميتهم " تأديبًا"، وإذا ما أصروا على عصيانه " يرسلهم" بعد موتهم إلى جهنم ويعذبهم بالنار بلا رحمة إلى الأبد.

هذا الإله "القاسي"، الذى هو على صورة قسوة قلب الإنسان (الناتجة عن ضعفه وطبيعته التي فسدت منذ المعصية الاولى)، بدلا من أن يكون نقيض الشر، إنما هو كليًا في جهته، فهو الذى يرسل الشر الطبيعى (الكوارث الطبيعية) ويتغاضى عنه، وهو الذى يعاقب على الشر الخلقى (الخطية) بشر أعظم، باسم عدالة هى أشبه ما تكون بالانتقام. وبالتالى، فى هذا المنظور، يكون الشر هو المنتصر الأكبر، ويكون للموت الكلمة الأخيرة فى الوجود. 

إلا أن هذا "الإله" إنما هو على نقيض الإله الذى انكشف لنا فى تعليم يسوع وسيرته، والذى " لا نعرف آخر سواه"، لأن كل تصور لله ما عداه مشوب بالأهواء والخيالات البشرية. وقد عرفنا من خلال الرب يسوع المسيح أن "اللهَ مَحَبَّة" و"وَمَادَامَ اللهُ قَدْ أَحَبَّنَا هَذِهِ الْمَحَبَّةَ اَلْعَظِيمَةَ، أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، فَعَلَيْنَا نَحْنُ أَيْضاً أَنْ نُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً"(1يوحنا 4: 8، 11). أن المحبة هي اسمه الفريد وصفته المميزة. من هنا أن هذا الإله لا يرسل الشرور الطبيعية. بل انه لا يجوز أن يقال أنه "يسمح بها". ان ما يسمح به بالحقيقة هو أن توجد الخليقة وجودا فعلياً لا شكليا، أى أن لا تكون مجرد ظلا له، مما يفترض أن يمدّها بالوجود (وإلا لما كانت) وأن ينسحب منها في نفس الوقت (وإلا لما كانت متمايزة عنه، أى لما كانت فعلاً). هذا ناتج عن كون الله محبة وعن كون الخلق هو فعل محبة، ومن شأن المحبة أن تقيم المحبوب بإزائها وأن ترفض تذويبه فيها وإلغاء فرادته. لكن ارتضاء الله بأن توجد المخلوقات، يعنى السماح لها بأن توجد بما لديها من خصوصية، أى بما تتسم به من محدودية ناتجة عن طبيعتها كمخلوقات صادرة من العدم وبالتالى بعيدة عن كمال الوجود. ولكن الله، لكونه الخير المطلق والمحبة المطلقة، لا يمكنه أن يكون حياديًا حيال الشر الناتج عن محدودية مخلوقاته، كما توحى العبارة القائلة بأنه " يسمح" بهذا الشرّ.
من هذه الزاوية، ومنها فقط، يمكن أن نفهم مأساة الشرّ الخلقى، أى الخطيئة، على حقيقتها. فقصة الخطيئة ليست قصة عصيان وعقاب، إنها قصة حب مرفوض يعذّب المحبوب والمحبّ معًا. فالموت، بمعناه لا البيولوجى بل الكيانىّ، ليس قصاصًا ينزله الله بالإنسان، بل نتيجة محتومة لاغتراب الإنسان، بالانغلاق والرفض، عمّن هو ينبوع حياته، وضياعه، من جراء ذلك، فى صحراء العزلة والعقم والجفاف والعطش.
الله، بهذا المعنى، لا يحكم على الإنسان ولا يدينه، إنما الإنسان يحكم على نفسه بالجدب والتلاشى.
وما أبدية جهنم إلا ترجمة لهذه القدرة الرهيبة التى اعطيت للإنسان، بأن يقول، إذا شاء  "لا" لله إلى الأبد، تلك القدرة التى هى الوجه الآخر، المظلم، لقدرته على أن يستجيب بحرية لنداء الحب الذى يخاطب به الله قلبه، فيسعد بلقائه إلى الأبد.
فلا بدّ للحرية من أن يكون لها هذان الوجهان، والله دخل، بسابق علمه المطلق، فى التعرض لرفض المحبوب له، بما يعنيه هذا الرفض من شقاء، لا للإنسان الرافض وحسب، بل لله أيضًا الذى، بما أنه يحب الإنسان أكثر مما يحبّ الإنسان نفسه، يشقى بالتالى لشقائه أكثر مما هو يشقى به.
لكن الله ليس معاديًا للشر فحسب، إنه مقاوم له أيضًا، هذا ما يشير إليه وجها السرّ الفصحىّ: صليب وقيامة. إن احتجاب الله الظاهرى عن الخليقة (كى يدعها تكون، كى لا يذيبها بذاته) مقرون بحضور خفىّ فى قلبه، حضورا لولاه لما كانت أصلاً ولما استمرت فى الوجود.
========= 
يمكنك تحميل كتاب "الله والشر والمصير" للكاتب كوستي بندلي بالضغط 

كتاب "مدينة الله"

في سنة ٤١٠ م حلت بروما الأزمة الكبيرة، إذ هجم الغوط او القوطيون على روما بقيادة الأريك واحتلوها بعد حصار طويل. فساروا يقتلون ويضطهدون الشعب وينهبون ممتلكاتهم وكل ما بالمدينة، فدبّ الرعب والخوف في قلوب المسيحيين المؤمنين. وفي هذه الأثناء قام خصوم المسيحيين يحملونهم مسؤولية هذه الكارثة، لأن الآلهة في رأيهم أنزلت غضبها الشديد على روما بسبب الدين المسيحي والمسيحيين. وحينما قالوا لاغسطينوس ان كثير من المسيحيين قد اخذوا الى السبي فرد عليهم في تهكم لطيف:

"انها ولاشك، لاعظم مأساة تدعو الى الشفقة و الرثاء ان كان ممكنا نقلهم الى مكان يتعذر عليهم ان يجدوا الله الههم فيه". و استمر اغسطينوس يقيم الدليل تلو الاخر من الكتاب المقدس على ان الله غالبا ما بارك شعبه عندما كان مسبيا، كما زوده ايضا باعظم العزاء". قام أغسطينوس بتهدئة الأفكار وتثبيت الإيمان في النفوس التي تزعزعت، ورد على هجوم الأعداء واتهاماتهم للإيمان المسيحي مميزاً فيه بين زيف المجتمعات الدنيوية الفانية وبين مدينة الله الأزلية، بين نظام الحكم الأرضي والحكم السماوي، موضحاً فيه فشل الفلسفات والديانات الوثنية. وكان هذا أروع ما كتبه أغسطينوس. وقد ألف كتابه هذا ما بين سنة ٤١٣ م وسنة ٤٢٦ م في اثنين وعشرين فصلا.

يمكنك تحميل الكتاب من هنـــــــا