الصفحات

31 يوليو 2015

العمل لعنة لا تزول الا بالعمل


قالت: قلبي يحدثني يا زوجي العزيز بأننا سنجعل من كوخنا بيتا فخما لا تنقصه الحدائق و لا البلابل المغردة، وسيلقى اولادنا فيه كل راحة ومتعة.
وقف وهو يبتسم ابتسامة لم تراها الزوجة في الظلام الدامس، وقال ساخرا وهو ينفض التراب عن جلبابه المهترئ:
- الخيار الطازج! قالها بنغم اعتاده في عمله كبائع متجول. ثم اردف في غمرة انفعاله:
- العرق يتصبب من جسدي، والصبية يتسلون بمعاكستي، والنسوان يرهقوني بمساوماتهم، والارض تأكل قدميّ، في سبيل ملاليم نكسبها، ولقيمات نزدردها تحفظ لنا رمق الحياة وتخفف بها الام الجوع..
ودخل الكوخ فتبعته وهي تقول:
- لكن سيأتي يوما فيه ننعم بالمرح والرغد.
لو كنت تشقين مثلي ما وجدت وقتا للاحلام.
ورقد كل منهما على خيشة محشوة بالقش، وتابعت هي تقول:
أليس الله بقادر على ان يجعل من كوخنا بيتا كالبيت الذي طردنا منه ابوك...؟
فقال وهو يتثاءب:
امنيتي ان اعود الى البيت الكبير، بيت ابي. 
ثم وهو يتثاءب بدرجة اعلى:
- العمل لعنة!
- فقالت بصوت هامس:
- ربما، ولكنها لعنة لا تزول الا بالعمل!

عن رواية اولاد حارتنا - نجيب محفوظ

عطيل


ملخص المسرحية:
عطيل بدوي مغربي شجاع داكن البشرة ينادونه بالمغربي أو الأسود. كان قائدا لجيوش قبرص وتدين له الدوله بالعديد من الخدمات نظرًا لشجاعته النادرة وجرأته ودفاعه المستميت عنها. هرب ليتزوج من معشوقته ديدمونه دون علم والدها وعندما فضح ياجو مساعده امره الى والد ديدمونه برابنسيو وهو أحد الوجهاء رفض اقترانهما وشكاه عند الدوق والأعيان بأنه سحر أبنته الجميله ديدمونه بسحره المغربي، لانه من وجهة نظره من غير المعقول أن ترفض اصحاب النفوذ وتقترن بالأسود عطيل .

كان عطيل على ثقه بحب ديدمونه له بعد سماعها عن بطولاته، وهى اعتبرته فارسها . وبغض النظر عن جماله فقد احبته بشدة. اثناء مناقشة الاعيان ورد اليهم خبر قيام اساطيل بحرية للأعداء بالتجمع على حدود قبرص بغية الهجوم عليها، وهنا يتوافر دور عطيل والأقرار بشجاعته ليتغلب على الأعداء. وبالفعل يركب عطيل البحر قائدًا لجيوشه للدفاع عن قبرص الجميله ويفرق الاعداء وترك ما تبقى منهم لتلتهمهم أمواج البحر العاتية، كان أول الواصلين الى قبرص كاسيو ملازم عطيل وهو فارس وسيم ثم تلاها مركب ياجو حامل علم عطيل مع زوجته ايميليا خادمة ديدمونه وديدمونه نفسها زوجة القائد عطيل .

زاد القلق من تأخر مركب عطيل وأرتفع سقف المخاوف من غرق سفينة الهمام، وأثناء حوارات ممتعة لكل الموجودين يبين شاكسبير للقارئ شخصية كل منهم، وتتجلى خباثة ياجو ودهائه، وفجأة يسمع الجميع أبواق عودة عطيل منتصرًا ومتلهف للقائد زوجته الحديثه بحب وعشق وهيام. وفي حوار جانبي بين ياجو وردريجو وهو احد وجهاء البندقية يشكك ياجو بحب ديدمونة لعطيل، ويقول له ان ديدمونة ستشتاق لوجه جميل غير قبح عطيل حينما يذهب انبهارها ببطولاته. وحينئذ ستبحث عن رجل آخر، وانه يتوقع ان تنتهي الى كاسيو الملازم الوسيم. لم يكن هذا الا سيناريو مريض من تأليف ياجو الخبيث.

عمد ياجو الى تنفيذ خطته بأغواء ديدمونه وتجميلها بعيون كاسيو واشعال الشك في قلب وجوف المغربي، فتراه يقوم بمدحها أمام كاسيو الذي يملك مشاعر ضامره في صدره تجاهها يؤجج ما في نفسه، يتورط كاسيو في مشاجره من تدبير ياجو ويعفيه عطيل من منصبه فيدخل ديدمونه لتتوسط له امام خليلها عطيل وتعيد الأمور إلى نصابها , يستغل ياجو بكل خباثه وضعت في الأرض مقدمات ديدمونه ومدحها لكاسيو من اجل اعادته الى منصبه في غرس بذور الشك في عقل عطيل وان بينهما علاقه وانها غير وفيه لحبه

ويذكره بخيانتها لوالدها من أجل حبه. عطيل يبدأ بالتصديق وينفر قليلا من ديدمونه. أوصى ياجو زوجته ايميليا بسرقه منديل ديدمونه الذي لا يغادر يدها الى عند سقوطه سهوًا منها , قامت ايميليا بريئه النوايا بأعطائه لزوجها دون ان تعلم مأربه منه .

يستغل المنديل ويهديه لكاسيو ويخبر عطيل الذي احتاج الى دليل على خيانة زوجته له بأنه رأى منديل ديدمونه الذي اهداه لها المغربي وعليه رسم الشليك في يد كاسيو هذا الصباح وقد كان يمسح به لحيته. يجن عطيل بحيث يرى العالم بلون أحمر كالدم يملأ الوجوه , يتفق عطيل مع ياجو أن يقوم بتدبير قتل الملازم كاسيو قبل ياجو تنفيذ المهمه بينما يقوم عطيل بقتل زوجته البغي. الغريب ان ديدمونه أحست أنها ستفارق الحياة بهذا اليوم ففرشت فراش زفافها لتنتظر زوجها بعد قسوته عليها وسؤاله عن المنديل الذي اهداه اليه . يفبرك ياجو محادثه دارت بينه وبين كاسيو على مسمع من عطيل المختبأ ليزيد نار عطيل. تنتهي القصة بقتل ديدمونه على يد عطيل في فراشها وقد رأت ايميليا جريمة المغربي وكشف تزوير ياجو الذي اطاح بردريجو وكاسيو وعطيل وتوفى الاول وهرب الثاني وانتحر الثالث حزنًا على ظلمة لحبيبته .

لتحميل المسرحية: تعريب خليل مطران
اضغط هنــــــــــــا

لتحميل كتاب يحمل سرد روائي للمسرحية :
اضغط هنــــــــــــا

21 يوليو 2015

رسالة من سجين


في الصباح اتجه مفوض الشرطة الى منزل اندريه، طرق الباب، حينما فتح، قال للفتاة الواقفة بالباب:

- ايتها الشابة! اعطني مقصا لاصلح سيارتي، فقد تعطلت امام منزلكم.

حملت الفتاة اليه المقص. كان المقص ملويا. علم المفوض ان المقص من عند اندريه وانه ملوي. لقد كشف له ميشا صديقه كل شئ في اعترافاته امام النيابة، وكيف نفذا جريمة السرقة. فقط كان ينقص القضية الدليل، وهو المقص الذي كان اداة الجريمة.
قال المفوض للفتاة حين اعطته المقص:

- هل هذا المقص لك؟
- هو لنا، هذا مقص ابي.
- واين ابيك؟
- ذهب الى المخزن.
- استدعيه اذا.
كانت الفتاة تجهل كل شئ، فذهبت تنادي اباها. حينما وصل اندريه سأله المفوض بدوره:
- اندريه، لمن هذه الآلة؟
حاول اندريه الانكار، لكن المفوض لم يصغي اليه. وامره بالصعود الى السيارة. وها هم يتجهون مباشرة الى القسم. 
ظل اندريه اثناء التحقيقات، مقطب الحاجبين، صامتا، مبتسما من اطراف شفتيه بين الحين والاخر وهو يرى صديقه يمثل الجريمة التي ارتكباها. وحين انتهى صديقه انهار تماما واعترف هو الاخر بدوره. بعد ذلك انتقل وهو يمشي متثاقلا، الى غرفة الحجز..

في الليلة الاولى التي قضاها بالحبس، ابتهج قلبه بالاكثر وهو يرى نور الشمس يدخل من نافذة ضيقة بالسجن، والذي يدل على ان الشمس تشرق على الارض، وان لم تشرق عليه هو. وكان يتمنى لو كانت له اجنحة يطير بها الى فوق من خلال تلك النافذة ، ليحلق في جو السماء المجيد البعيد.
وفي الصباح الباكر رأى احد رفقاءه في غرفة الحجز جاثيا ومستغرقا في الصلاة.. وحين انهى صلاته سأله بتودد:
- كيف نمت الليلة؟
 وقد كان هذ السؤال وهو علامة مجاملة بسيطة مقبولا ومحببا الى قلب السجين العاثر الحظ، فاجابه وعلامات الارق بادية عليه:
- نمت نوما رديئا ومتعبا، وكيف لي ان اتوقع نوما هنيئا هنا.
اجابه:
- ان من اعتاد ان ينام في سرير مريح على فراش وثير لابد ان يحس بقسوة النوم في هذا الفراش. اما نحن فلاننا تعودنا على النوم في هذا الفراش لم تعد خشونته تؤلمنا.
- اني جد اسف على هذا الكلام الذي تفوهت به في حقك امس.
- لا عليك، اننا لا نستطيع ان نميز اصدقائنا من اعدائنا سريعا.
فصاح وقد داعب قلبه امل كبير:
- ولكنك ستكون صديقي بلا شك ويمكنني ان اثق بك.
***
جاء الحكم عليه وعلى صديقه ميشا بالاعدام لارتكابهما جريمتا سرقة بالاكراه وقتل.
حينما سمع الحكم في جلسة المحاكمة الاخيرة تنهد بعمق، وفرك بيده موضع القلب، ولم ينبث ببنت شفة. وحين عاد الى زنزانته امسك ورقة وقلما وراح يخط خطابه الاخير الى امه:
ايتها الام العزيزة! – وخنقته العبرات – اغفري لي ما سببته لك من ألم. أأخطأت؟ مؤكد... لكني، لا اطلب منك الا شيئا واحدا، ان تغفري لي. لقد كتبت هذا من قبل. لكن لا بأس. فلا وقت لديّ لانسخ ما كتبت – لا تعذبي نفسك من اجلي. اتقدم الموت قليلا ام تأخر قليلا، سيان، أليس كذلك؟ لست اخشى شيئا. لا اجرؤ على تكرار جميع الكلمات التي في قلبي والتي تشد من عزيمتي تهدئني. اغفري لي. اقبل يديك الغاليتين الطاعنتين في السن. اتعلمين يا امي، ان قوة الانجذاب الى كوكبنا الارضي لا تزال كبيرة بشكل مخيف. ان بي شوقا كبيرا للحياة. انني احيانا اتطلع من نافذة السجن الي الخارج ليلا وانظر الى السماء و اتأمل النجوم، انني عالم انني اسير الى القبر و لكنه سيكون من اغلى القبور.. سأغرق روحي بعاطفتي.. انني احب البراعم الغضة في فصل الربيع و احب السماء الزرقاء .. لم اكن اعلم ان الانسان يحب الفترة الاولى من شبابه بهذا المقدار.

19 يوليو 2015

الارواح المتمردة


لم ارى حولي سوى خيال الموت المريع منتصبا بين الجثث الملطخة بالدماء. واصغيت فلم اسمع غير عويل العدم ممزوجا بنعاب الغربان الحائمة حول فريسة احكام البشر غير العادلة. ثلاثة من ابناء ادم كانوا بالامس بين احضان الحياة فاصبحوا اليوم في قبضة الموت.
من الذي رجم هذه الزانية؟ هل هم نساك طاهرون اتوا من صوامعهم، أم بشر يأتون المنكرات هم ايضا؟ ومن الذي قتل هذا الصبي؟ ولأي سبب؟..
في اي جيل من الاجيال سارت الملائكة بين الناس قائلين "افنوا الساقطين بحد السيف، ودوسوا الخطاة باقدام من حديد؟"..
وظلت هذه الافكار تتزاحم على عقلي وتنهل من عاطفتي حتى سمعت وطء اقدام قريبة مني فنظرت واذا فتاة قد ظهرت من بين الاشجار، واقتربت من الجثة متحذرة متلفتة بخوف الى كل ناحية. حتى اذا ما رأت رأس الفتى المقطوع صرخت جزعا، وركعت بجانبه وطوقته بزنديها المرتجفين، واخذت تهمر الدموع وهي تلامس شعره باطراف اصابعها وتنتحب بصوت عميق جارح، وعندما انهكها البكاء اسرعت تحفر التراب بيديها، حتى اذا ما حفرت قبرا وسيعا سحبت اليه جثة الفتى المصروع وغمرتها بالتراب.

رواية الارواح المتمردة - جبران خليل جبران

1 يوليو 2015

الحمامة


جوناثان نويل عاش وقتاً بائساً في بداية حياته: وفاة والدته، اختفاء مفاجئ للأب، والأخت لاحقاً، خيانة زوجته، كل هذه الأحداث جعلته يقرر بأن الحياة مع الناس لا تناسبه "وأن المرء إذا أراد الهدوء والسلامة أن يبتعد عنهم"(ص7). لذا فانه يقوم بسحب كل مدخراته ويتجه إلى باريس حيث عاش في انعزال تام لثلاثين سنة. وفي أي أحد الأيام، من دون إنذار، يجد حمامة مجروحة أمام شًقته، كانت تنظر إليه وهي مُستلقية على الأرض غارقةً بدمها، هذا الموقف الذي جعل الرعب يدب في جوناثان ، هذا الموقف هو الذي قلَب حياة الرجل رأساً على عقب.

ماذا يقصد زوسكند برمزية الحمامة؟ إنها ديون وتراكمات الحياة أتت لتأخذ حقوقها، الحياة التي هرب منها واختبأ في شقته بعيداً عنها لمدة 30 سنة.

بعد يوم عمل متعب يصل جوناثان إلى فندق، لقد هرب من ملاذه الخاص، من شقته. يتناول عشاءه، ويعانق السرير ويهمس: "غداً اقتل نفسي". توازن حياته اختل ولم يعد قادراً على مواصلة العيش، عندما يستيقظ من أصوات الرعد العالية، يتوه في هلوسته ويُخيّل إليه بانه طفل، بأنه محاطٌ بالناس، بأهله. ربما أدرك بان للانعزال عواقبه، وأن الحياة لا تكون إلا مع البشر. إذن ما الحل؟ هل يكون الانتحار؟ خلال 30 عاماً كان جوناثان كالصنم الذي لا يتحرك. كان حارساً و "الحارس مثل أبي الهول، وفعله لا يكمن في القيام بشيء ما، بل في حضوره الجسدي"(ص35) جوناثان كان خارج نطاق الحياة. وإذا أراد أن يعيش عليه أن يسير، عليه أن يجري ويمشي . في المشي تكمن قوة شافية"(ص67)". وبعد أن يخرج في الفجر، وظننا بأنه في طريقه ليُنهي حياته، إذا به يسير بخطى خفيفة ومرحة، وبدل أن يتجنب برك الماء في الشارع، يتجه إليها، وتغوص قدماه بها، مستمتعا بنشر رذاذ الماء نحو واجهات المحلات، "توسخت" قدماه، لكن يبدو بأنه لم يعد يبالي. يذهب إلى شقته الحبيبة، ويقف على أخر الدرج قبل أن يدلف إلى الممر، يتنفس بعمق، ويمشي نحو شقته. قرر أن يعيش الحياة ، وأن يتحول من أبي الهول إلى إنسان يمشي. وبسبب هذا، اختفت الحمامة.

“المشي يهدىء الأعصاب ، في المشي تكمن قوة شافية. هذه الرتابة في تحريك قدم بعد الأخرى بإيقاع متزن مع التلويح بالذراعين على الجانبين، هذا التسارع في تردد النفس والنشاط الخفيف في النبض ، ذلك التوظيف الضروري للعينين والأذنين لتحديد الإتجاه والمحافظة على التوازن ، هذا الشعور بالهواء الذي يهف على الجلد، كل هذه أشياء تضطر الروح والجسد للتوحد بطريقة حتمية،وتترك الروح، حتى لو كانت في أشد حالاتها غياباً وتثاقلاً، تنمو وتتسع.” 

===
موضوعات مرتبطة:

الملك لير


نراه في البداية واثقا مستبدا برأيه يرفل في حلته الملوكية في هنأة العالم ، ولكنه لا يلبث حتى يثور ويضرب في الافاق صارخا، بعد تسليمه مملكته لابنتيه، وتمزيقها بيده، ثم يعود في ثوب جديد، عميق التفكير، واكثر طيبة من ذي قبل.. حتى نراه في صورته النهائية كأي من مجانين الشوارع والساحات يهذي في حالة مزرية.

وهكذا نرى مثله في شخصيات شكسبير ماكبث القائد المنتصر العائد من الحرب ظافرا منتشيا.. نراه في تحولاته الباطنية وصراعاته الداخلية ينتقل من الشك الى اليقين، الى الشك في كل شئ مرة اخرى، انه مبدأ التحول في الشخصيات، هو ما يحركهم على حدود المقصلة ، مقصلة الذنب والندم، الانتقام والثأر.
===
لتحميل نسخة الكترونية من رواية الملك لير من الرابط التالي:
اضغط هنــــــــــا - ترجمة كامل الكيلاني
او
اضغط هنــــــا - ترجمة ابراهيم رمزي

وانا افضل الثانية