الصفحات

20 ديسمبر 2015

رواية "انشودة عيد الميلاد"


رواية: "انشودة عيد الميلاد" هي احدى الرويات الشهيرة عن عيد الميلاد، رواية قصيرة جدا لشارلز ديكنز. تعتبر الرواية سهلة القراءة جدا وبسيطة، ولكن هناك الكثير من العمق بها، لذلك اعتقد انها تستحق القراءة بطريقة مدروسة وعلى مهل.

الرواية عبارة حكاية بسيطة عن كيفية تحول رجل عادي بارد القلب عندما يواجه ذكريات ماضيه والنتائج المحتملة لتصرفاته والتكاسل الذي كان يتصف به، وتحدث تغييرات إيجابية في حياته، وبالتالي في علاقته بالآخرين.

في الحقيقة، كان من الواضح - حتى من البداية - أن القصة ليست حقيقية بالكامل كما انها ليست خيالية بالكامل. فبصرف النظر عن الأشباح الشهيرة في الرواية (شبح عيد الميلاد الماضي، وشبح عيد الميلاد الحاضر، وشبح عيد الميلاد الذي لم يأت بعد)، والتي لم تكن غريبة عن الأدب في ذلك الوقت، فقد تجول بنا الاديب في عوالم موازية ليست بعيدة عن الواقع. 

تحوي الرواية تناقضات الحياة: العبوس مقابل اللهو والاحتفالات، المشاعر الجياشة مقابل القلب المتبلد، الصحبة مقابل العزلة، الفقر مقابل الثروة، البخلاء مقابل المبذرون، الماضي والمستقبل الخ.

يظهر تشارلز عمل الخير ليس كعطاء مالي فقط، ولكن ليكون جانب شخصي جدا (اللطف والمجاملات، والتفكير بشكل خلاق حول ما يجب القيام به). ويظهر الأسف او الندم على انه تصرف لا طائل منه بل وذاتية بغيضة: الطريق إلى التغلب علي البخل يكون من خلال محاولة التعويض عن السلوك السابق- الامر الذي يعيدنا لأهمية عمل الخير.

دور الاشباح:
قصص الأشباح كانت شعبية في انجلترا في ذلك الوقت. كان كل شبح متميز جدا في المظهر والسلوك عن الاشباح الاخرى. الأول كان شبحا شاحبا غامضا (في طي النسيان؟) و "مثل الطفل؛ ولكن ليس مثل باقي الاطفال لأنه رجل عجوز "(الطفل هو والد الرجل؟)؛ والثاني هو روح احتفالي بهيج يرغب في جعل الاخرين يشاركونه الفرح والثالث هو مخاوف او هواجس سكروج المظلمة،والمخيفة، مما يعكس خوف البخيل من الموت، وكذلك الحزن الذي سوف يعيشه إذا كان لا يغير من صفاته البغيضة، ولكن الشبح كان ذو وجه غير واضح الشكل، ربما يشير إلى قابلية تطويع المستقبل.

قصاصة من الفصل الاول:
شب مارلي وكانت الاسماء المدونة على باب المكتب هي : "سكروج و مارلي " و مات مارلي . "مات كمسمار الباب" كما يقول المثل . و لا ادري لماذا من المفروض أن يكون مسمار الباب أكثر موتا من أي نوع أخر من المسامير لكن مارلي قد مات . مات منذ سبع سنوات. وبقى اسم "سكروج" اسم مارلي العجوز أبدا .. و ظل جاثما على باب المكتب بعد ذلك بسنوات : " سكروج و مارلي". 

و كان المكتب يعرف بسكروج و مارلي . و احيانا ينادي الناس الجدد على المكتب سكروج بـ "سكروج" و احيانا ينادونه بـ "مارلي"، لكنه كان يرد على اية حال على من ينادي على اي من الاسمين. 
كان رجلا جامدا في كل ما يختص بشئون المال، جامدا كالصخر . و كان متحفظا كتوما عديم الاصدقاء و وحيدا. و كانت البرودة داخله تجمد وجهه العجوز: كانت عيناه حمرواوين، و شفتاه الرفيعتان زرقاوين، و يبدو أن البرد قد جمد طريقته في المشي. و كان شعر رأسه و فوق عينيه ابيض، ابيض مثل الثلج. و كان يحمل برودته معه دائما اينما ذهب، فكان يثلج مكتبه في الصيف، وكان في وقت عيد الميلاد في نفس برودة الطقس. 
لم يوقف احد سكروج أبدا في الشارع ليقول له : 
- عزيزي سكروج كيف حالك ؟ متى ستأتي و تراني ؟ 

و لا كان الشحاذون يسألونه احسانا. و لا الأطفال يسألونه : 
- كم الساعة ؟ 
ولا احد سأله ذات مرة في حياته عن الطريق إلى المكان الفلاني . حتى كلاب الناس فاقدي البصر بدت تعرفه، وعندما كانوا يرونه قادما كانوا يسحبون اصحابهم داخل دورهم.
لكن سكروج لم يكن يهتم . كان يحب ذلك . كان يحب أن يشق طريقه عبر سبل الحياة المزدحمة محذرا كل الناس أن يبتعدوا عنه. 
و في ليلة عيد الميلاد جلس سكروج مشغولا في مكتبه. كان الطقس باردا، و استطاع أن يسمع الناس في الخارج و هم يصفقون بأيديهم ليحتفظوا بدفئها.
و كان الضباب كثيفا حينما كانت الساعة الثالثة بعد الظهر، فساد الظلام في الشوراع و لم يظهر للنهار نور على الاطلاق . فكانت الشموع مشتعلة في نوافذ المكاتب المجاورة ملقية ظلالا حمراء على ما حولها والذي كان يبدو وكأنه لوحة رمادية، و جاء الضباب منسكبا في كل شق و متسللا من كل ثقب مفتاح. لقد كان الضباب كثيفا فلا تكاد ترى المنازل المقابلة .
كان باب مكتب سكروج مفتوحا حتى تظل عينيه على كاتبه الذي يعمل في غرفة صغيرة في الجانب الآخر من الممر. و كان الكاتب قد اشعل قليلا من الفحم في المدفأة، ولأن باب حجرته كان مفتوحا فقد كانت الحجرتان تبدوان حجرة واحدة. لم يستطع الكاتب أن يضيف و لو قليلا من الفحم إلى نار المدفأة لأن سكروج يحتفظ بصندوق الفحم في حجرته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يثري الموضوع