الصفحات

28 أبريل 2017

مغارة بيت لحم - قصاصات


اندفع بانياس واقفا وهو يرتعد من شدة الغضب ويزمجر قائلا:

- الا يكفيك انت واخيك انكما سلبتما راعوث وعرفة من ايمان موآب ؟
- ولكن راعوث وعرفة كانتا مؤمنتين بالرب قبل ان نأتي الى هذه البلاد.
- وماذا عن هيلي وكيلي الامين، انهما ايضا قد خرجا عن ايمان اجدادنا. وانتما الذي اخرجتماهما عن طاعة كموش. انتما غاويان كبيران وتمثلان خطرا عظيما على ايمان اجدادنا.
- ولكني لم اغر احدا. لقد تحدثت عن حقيقة الرب الهي.
- وشقيقك؟ لقد قال ان كموش دنئ وينبغي ان نتحاشاه كما يتحاشى الانسان الوباء المهلك. وانت كنت تسمع، فلماذا لم تدافع عن اله البلد الذي استضافكم واحتضنكم؟
- وانت ايضا كنت واقفا. فلماذا لم تدافع عن الهك.. ثم كيف ادافع عن كموش ، وانا اتعب للاله الحقيقي؟
- اسمع! انتم هنا تتمتعون بحماية موآب. ولنا دين في اعناقكم. واذا كنتم في بلد تتعبد لكموش، عليكما ان تتعبدا لاله البلد.
واحمر وجه محلون، وسمع لمشاعره ان تطغى عليه، فهتف قائلا:
- لا سم في ديانة يهوة، بل الصحة، والشفاء في ديانة اله اسرائيل. ان الهنا هو الاله الواحد الحق، والهكم اله الدناءة والحق. طقوس عبادتنا نقية اما عبادتكم فهي مدنسة. تعاليمنا هي الخير والنور اما تعاليمكما فهي الشر والضلال.
- اغرب عن وجهي وحذار ان تحاول الهروب. انت وشقيقك تحت المراقبة، حتى نبت في امركما.
خرج محليون وكانت الدنيا ظلاما. بدت الدنيا كانها كهفا ممتلئا بوحوش مفترسة. لكن ماذا عن الملان الضعيفة؟ - ماذا عن عرفة وراعوث ونعمى امه واخيه كليون؟ الم يهربوا من الجوع في ببلاده اسرائيل؟ وها هو الان يقع في براثن الذئاب؟ ماذا يكون مصيرهم؟ .. لقد اصبح واضحا الان ان كاهن مؤاب يدبر مكيدة للايقاع به وبعائلته.
وفي منتصف الليل، ايقظه من نومه صوت وقع اقدام، تقترب من المنزل، اسرع الى النافذة، ليرى جماعة من الجند غير المسلحين، تسير نحو البيت. كانت عيونهم تقدح شررا.
وعاد الى الفراش، حيث كانت راعوث ترقد في سلام، ولم يكن قد اخبر احدا بما حدث بينه وبين بانياس خلال النهار، وهو يأمل ان يجنبها الى اقصى حد ممكن – التفكير في المتاعب قبل وقوعها. ولقد كان ممكنا ان يفضي بمتاعبه لامه ويطلب منها النصح، لولا انها قد قالت له في فترة سابقة ان عليه ان يعتمد على نفسه في حل مشاكله طالبا النصح من يهوة. وعاد ينظر لى راعوث وهي مستلقية كالطفل الكبير، وتعجب في نفسه كيف ان امور الحياة عرضة دائما للتبدل.
تقلبت راعوث في نومها، وفتحت عينيها في تثاقل، ودهشت وهي تراه يقف على هذا النحو ناظرا اليها، واحاطت عنقه بذراعيه وهي تقول:
- محلون.. ماذا حدث؟
- اني لا استطيع ان اشرح كل شئ، فالوقت لا يكفي. فقط اقول ان بانياس قد ثار عليّ..

في ذلك الوقت كانت ثلة من الجند قد وصلت الى البيت، ولم يشأ محلون ان تشهد حادثة القبض عليه، فدس يده في جيبه واخرج قصاصة من البردي، تتضمن وصفا تفصيليا عن مخبأ اموال قد نهبها بانياس واخفاها في سراديب المعبد الخفية. وطلب منها ان تسرع بالهروب من الباب الخلفي..