ومنذ ذلك الحين وقد طال خجلي.. اجل، ظللت على خجلي ، وتعلمت ذلك، تعلمت اننا كنا جميعا في الطاعون، وفقدت الطمأنينة والسلام. وما زلت اليوم ابحث عنهما. محاوﻻ ان افهم الجميع واﻻ اكون العدو المميت ﻻي منهم. وانما اعلم ان علي ان اعمل ما ينبغي ان اعمل كي ﻻ اكون بعد مصابا بالطاعون، وان هذا وحده – الخجل (ومجاراة التيار) يجعلنا نامل السلام، او موتا شريفا بدلا منه..
ومن اجل هذا ايضا، ﻻ ارى هذا الوباء يعلمني شيئا، اﻻ ان من الواجب محاربته الى جانبكم. انني اعرف معرفة اكيدة ان كل انسان يحمل في جلده الطاعون، ﻻنه ليس ثمة في الدنيا من هو معصوم منه (يقصد جرثومة الشر). وان على اﻻنسان ان يراقب نفسه من غير انقطاع حتى ﻻ يتنفس، ذات لحظة من لحظات الشرود، في وجه انسان اخر، فيلصق به العدوى.
فالطبيعي هو الجرثومة. اما الباقي، الصحة والكرامة والصفاء فهي نتيجة ﻻرادة، ﻻرادة ينبغي اﻻ تقف ابدا. ان الرجل الشريف، ذلك الذي ﻻ يعدي احدا تقريبا، هو من يملك اقل الوسائل الشرود واللامباﻻة. وﻻبد من ارادة حتى ﻻ يشرد المرء – اجل - انه لشاق جدا ان يكون احدنا مصابا بالطاعون، ولكن اﻻشق، هو انه ﻻ يريد ان يصاب به (اذ عليه ان ياخذ احتياطات مرهقة ﻻ تنتهي). من اجل هذا ، ترى بعض الذين يريدون اﻻ يكونوا مصابين يعانون تعيا مفرط ﻻ ينقذهم من الموت على اية حال، ولن يحررهم منه سوى الموت ذاته.
عن رواية الطاعون، البير كامو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك يثري الموضوع