الصفحات

23 يونيو 2017

رواية اولاد حارتنا


رواية اولاد حارتنا ربما تؤخذ بشكل رمزي: يمكن ان
 نعتبر ادريس يمثل الشيطان الذي يغوي ادهم لمعرفة السر المخبأ في "خلوة" ابيه، والذي يمثل شجرة المعرفة (معرفة الخير والشر التي اكل منها ادم). وبسبب ذلك يطرد من البيت الكبير.
"ادهم" هنا يمثل ادم وهو يتحسر على الايام الماضية حين كان ينعم بالحديقة (الجنة). والان طرد الى ارض الشقاء ومن ضمن عقابه "بعرق جبينك تأكل خبزك" وهو يقارن بين العمل في السابق حيث كان "يعمل الجنة ويحفظها" وبين الشقاء في العمل ويعتبره هنا لعنة. وهذا اقتباس اخر يوضح ذلك:
العمل من اجل القوت لعنة اللعنات، كنت في الحديقة اعيش، لا عمل لي الا انني انظر الى السماء او انفخ في الناي، اما اليوم فأنا ادفع العربة امامي ليل نهار في سبيل شئ حقير نأكله مساءا لتلفظه اجسادنا صباحا.
ينسى الكثيرون ان الرمزية لا تعني انطباق كل الاحداث على شخص المرموز اليه فلو قلت ان الجبلاوي يرمز الى الله فليس معنى ذلك ان تقول ان كل ما ورد عنه يخص الله تبارك اسمه. فهي في نهاية الامر رواية ذات احداث واقعية، وكل من يقرأها يشعر فعلا بواقعية احداثها. لقد قدمت "اولاد حارتنا" الحارة المصرية بكل ما فيها الى العالم. وكان الفضل في ذلك قلم نجيب محفوظ المبدع وليس في ذلك شك.

21 يونيو 2017

رؤية نقدية لادب نجيب محفوظ


السرد في ادب نجيب محفوظ له دلالة ومغزى. وتتماسك خيوط القصة، وتتشابك في اسلوب سلس. وينسج نجيب محفوظ القصة في خيوط متشابكة لا يترك اي علاقة بين الشخصيات تفلت من بين قلمه. في قصته "صوت من العالم الاخر" نجد الرمز. نجد ادوات التعبير عن رؤيته للموت، يمتزج فيها الوعى باللاوعي ، والاسطورة بالتاريخ، والرؤيا بالواقع. 
تجد نفسك ايها القارئ تسبح في خيالات رؤى لانهائية، مع انصهار في بوتقة الفكر والفلسفة، لان نجيب محفوظ كاتب وفيلسوف من الطراز الاول. تأثر نجيب محفوظ بالادباء العظام الذين سبقوه مثل تولستوي ، كما انه تأثر بالشخصيات الملهمة في ايامه ومن امثالهم الزعيم الهندي غاندي. 
حينما سؤل عن غاندي قال: 
"شخصية غاندي في العشرينات شغلت العالم كله واثارت دهشتي. كان شيئا اسطوريا ان ذلك الرجل الفقير الاعزل يواجه امبراطورية "لا تغرب عنها الشمس". اثناء عمله محاميا بجنوب افريقيا دفاعا عن مواطنيه المضطهدين هناك. ثم يعود الى الهند، ويستطيع ان يحقق معجزة التفاف الملايين حوله مؤمنين باسلوبه المدهش "نوال الحق بلا عنف"، الى ان نالت الهند استقلالها عام 1947م. ايضا يلتقي تولستوي وغاندي في مبدأ واحد، فكلاهما شغفا بحياة المسيح، ورأى كل منهما ان خلاصة الفكر الانساني. وان غاية ما ينتهي اليه البشر في محاولاتهم الوجدانية والروحية هو موعظة المسيح على الجبل، والتي قال فيها لاتباعه: "احبوا اعداءكم. باركوا لاعنيكم. صلوا لاجل الذين يطردونكم".