الرجل الاحزن

من المسرح العالمي
الرجل الاحزن
تأليف: بيرج زيتونتيان

نظرة سريعة على المسرح الارمني:
يعتبر المسرح ارمني من اقدم المسارح في الشرق، يربط مؤرخو الحضارة مولد هذا المسرح بدخول الاسكندر المقدوني الى الشرق..تدل المعلومات عن استمرار المسرح الارمني حتى قبول الارمن الديانة المسيحية سنة 301م.. اخذ شأن المسرح في التراجع بعد دخول المسيحية الى ارمينيا، وذلك بسبب محاربة رجال الدين العادات والتقاليد الوثنية التي كانت تظهر على المسارح ..
.. في المهجر تقدم المسرح الارمني بين الجالية الموجودة هناك.. ولقد انتقلت بعض المسرحيات الى اسطنبول ويزيد عددها عن 300 مسرحية..
في عام 1875 كتب الشاعر المسرحي كابرئيل بادكانيان مسرحية شعرية مؤلفة من 6 الاف بيت بعنوان "اربسيما" (وهي شهيدة مسيحية من القرن الخامس).

مسرحية "الرجل الاحزن":
هذه المسرحية من نوع المأساة- الملهاة (ساخرة)، كما يسميها المؤلف. تجري حوادثها في بلد لا اثر له على خريطة العالم. حوادثها موثقة. وخلاصة مضمون المسرحية هي ان: البطل المحوري فيها ويدعي "استراود" يرتكب جريمة قتل دفاعا عن حبيبته لانقاذها من براثن رجل من رجال السلطة اراد الاعتداء عليها واستغلالها، وتجرى محاكمة استراود ويحكم عليه بالسجن مدى الحياة في زنزانة انفرادية، ولمن يسمح له، بشكل استثنائي، بمطالعة الكتب في زنزانته. وذات يوم يسقط عصفور جريح من نافذة الزنزانة الى الداخل فيبادر استراود الى علاجه، ولكي يتم ذلك يطلب مطالعة بعض الكتب في مجال الطب، وخلال ذلك يشطح به الخيال فيقوم باختراعات خيالية، وهو لا يحمل من الثقافة الا ما تعلمه في المدرسة حتى الصف الثالث الابتدائي. هكذا يثابر على دراساته، بعد شفاء العصفور الجريح ويلبي السجان مطالبه من العقاقير والمواد، وبمرور الزمن يغدو استراود عالما ومخترعا للعقاقير التي تداوي امراض الطير، ويراسل المجلات والمجامع العلمية والعلماء، فيتلقى منهم الشكر على اختراعاته. تنتشر ابحاثه، ويدعى الى حضور المؤتمرات العلمية في صحبة سجّانه، وتدر اختراعاته مبالغ طائلة على وطنه. كل هذا وعلماء العالم يجهلون انه محكوم عليه بالسجن مدى الحياة. ومن جهة اخرى تجرى حديثا مع رئيس الدولة وبعض الوزراء.. فنجد العلاقة بين استراود والسلطات في حالتين متناقضتين.
تجمع هذه المسرحية الواقع والخيال، المعقول باللامعقول. يرصد المؤلف من خلالها تناقضات موجودة في عصره.. في نهاية الامر لكل منا سجّانه. فاذا لم يوجد قد ننقلب الى سجانين لانفسنا.

يقول الملك في تعجب، عندما يسمع ان احد علماء الطيور مسجونا:
عالم في السجن؟ .. اذن يا وزيري الاول ماذا يعني هذا. هذا يعني ان حر وليس محكوما.
وعندما يعترض الوزير يقول الملك:
ايها الغبي، لقد استكاع ان ينال حريته رغما عنا، رغما عن قوانينا،..
في المشهد الختامي يحين الوقت ليمضي استراود العجوز عن هذه الدنيا، ولكن يظهر له خيال استراود الشاب، ويدري بينهما حوار مثير. يقول استراود العجوز لاستراود الشاب:
اما الان فاذهب انت، اريد ان ابقى لوحدي.
استراود الشاب باعجاب: لكنك يا استراود.. كيف صمدت.. خمسين عاما..
استراود العجوز (بكل راحة وبدن حركة): ان الانسان يموت لكنه لن يصبح رقيقا ابدا اذا لم يقبل العبودية طوعا.
هكذا استطاع استراود بشكل ما، ان يصل الى حريته تحت اغلال القوانين واستبداد المستبدين، فقط لانه صمم على ذلك، ولانه وجد في عمله متنفسا لحريته.