غرف الدردشة في الانترنت اصبحت ملجأ للضائعين او هكذا اعتقد. عندما اقترح عليّ احدهم جربت احدى هذه الغرف. أفكاري سحبت إلى نفق من الظلام و الضباب. الجميع يتكلم دون ان يعرف ماذا يريد.. فقط يتكلم لمتعة الكلام.. دون ما يكون هناك هدف.. البعض يعيد ذكريات الماضي والبعض يعترف بتفاصيل لا تنتهي من الامور المملة.. يبدو البعض كما لو كان مخمورا .. واحدة من تلك الاعترافات المخمورة وتبدو لي مشهورة: أنا أحبك، ...، أستطيع أن أرى حبنا يبقى إلى الأبد.
***
أنا مندهش من ان العديد من معارفى يعترفون بأنهم لم يقرأوا كتابا. لا يبدو عليهم الحرج أو الخجل من قول هذا التصريح وحتى يبدو تصريحهم هذا مثل الشارة الحمراء للشجاعة. وبينما أنا معجب بأمانتهم، أنا حزين إلى الاعتقاد بأن وسائل الإعلام المطبوعة آخذة في الانخفاض.. قراءة الكتب و بالتحديد الروايات انخفضت.. قراءة روايات الخيال، على سبيل المثال، يوسع آفاقنا ويسمح لنا للهروب من حدود الزمان والمكان الخاصة بنا.
***
في عصر السكايب والفيسبوك وتويتر، اصبحت الكلمات قصيرة وغير مفهومة من قبل المتعلمين او طلاسم. لم يعد من الضروري القول بالضبط ما تعنيه - تحتاج فقط إلى قول كلمة او اثنتان ومن ثم ترمي صورة أو رمز مشاعر وعلى الطرف الاخر ان يخمّن ماذا تقصد. أيا كان! أتذكر احد الاساتذة في واحدة من محاضراته ردا على سؤال مختصر لطالب قليل الكلام او محبط بادره به، واردف بعده قائلا "أنت تعرف ما أعنيه يا دكتور". استغرق الاستاذ في التفكير ثم تنهد، والتقط نظارته ومسحها بالمنديل وقال بهدوء، "إذا كنت لا تستخدم كلمات، يا صديقي، حتى ولا انت تعرف ماذا تقصد!".