ان كانت تلك هي اليابسة حقا!
انها تلتهب ابدا بنيران صلبة، مثلما التهبت بحيرة النار والكبريت بنيران
سائلة.
وبدا لونها مثل بركان قوي، تثيره قوى الرياح الحبيسة في باطن الارض، فتنقل التل من مكانه، وتخلف موطن راحة لاقدام لعينة!
وتلاه رفيقه الذي يليه في المنزلة، وقد اسعدهما ان هربا من بحيرة اللهب
الجهنمية.
وفي ظنهما انهما قد افلتا بفضل القوة التي
عادت لهما، وليس بفضل ما اذن به القوي الجبار.
وهنا بدأ يقول من كان ملاكا اكبر:
اعلينا اذن ان نستبدل هذه البقعة وهذه التربة
بجنة النعيم؟
انستبدل هذا البلقع المدلهم بالضياء العلوي
الغامر؟
فليكن!
وداعا يا دار الهناء والسرور الابدي!
مرحبا بالدرك الاسفل!
وانت يا اغوار الجحيم السحيقة استعدي
لاستقبال سيدك الجديد.
ماذا يضيرني ان اكون هنا او هناك مادمت انا
هو انا-
اكاد اضارع من تفوق عليّ بقوته العاتية؟!
سيد في جهنم اكرم من عبد في الجنة!
ولكن ما لنا خلفنا رفاقنا المخلصين
شركاء الضياع وزملاء السقوط
يرقدون ذاهلين على بحيرة النسيان؟
لما لا نناديهم ليشاركونا تعاسة مأوانا او
ليجتمع شملنا ثانية
لنسترد ما تبقى منا في الجنة او نتحاشى مزيدا
من الضياع في الجحيم؟
عن رواية "الفردوس المفقود" لجون ملتون