رواية اولاد حارتنا ربما تؤخذ بشكل رمزي: يمكن ان نعتبر ادريس يمثل الشيطان الذي يغوي ادهم لمعرفة السر المخبأ في "خلوة" ابيه، والذي يمثل شجرة المعرفة (معرفة الخير والشر التي اكل منها ادم). وبسبب ذلك يطرد من البيت الكبير.
"ادهم" هنا يمثل ادم وهو يتحسر على الايام الماضية حين كان ينعم بالحديقة (الجنة). والان طرد الى ارض الشقاء ومن ضمن عقابه "بعرق جبينك تأكل خبزك" وهو يقارن بين العمل في السابق حيث كان "يعمل الجنة ويحفظها" وبين الشقاء في العمل ويعتبره هنا لعنة. وهذا اقتباس اخر يوضح ذلك:
العمل من اجل القوت لعنة اللعنات، كنت في الحديقة اعيش، لا عمل لي الا انني انظر الى السماء او انفخ في الناي، اما اليوم فأنا ادفع العربة امامي ليل نهار في سبيل شئ حقير نأكله مساءا لتلفظه اجسادنا صباحا.
ينسى الكثيرون ان الرمزية لا تعني انطباق كل الاحداث على شخص المرموز اليه فلو قلت ان الجبلاوي يرمز الى الله فليس معنى ذلك ان تقول ان كل ما ورد عنه يخص الله تبارك اسمه. فهي في نهاية الامر رواية ذات احداث واقعية، وكل من يقرأها يشعر فعلا بواقعية احداثها. لقد قدمت "اولاد حارتنا" الحارة المصرية بكل ما فيها الى العالم. وكان الفضل في ذلك قلم نجيب محفوظ المبدع وليس في ذلك شك.