14 مارس 2020

رواية فابيولا


رواية فابيولا من تألبف وايزمان. وقد كان له ٣ روايات من نفس السلسلة. وهي روايات تحكي ناريخ المسيحية بدءا من حياة السيد المسيح وحتى القرن الرابع.

قراءة في الرواية:
اليوم: احد ايام سبتمبر عام 302 م
البلد: روما
اليوم صحو والشمس قاربت على المغيب، ولكننا لم نكن الوحيدين هناك ، فالجماهير تتدفق من المنازل متجهة صوب حدائق القيصر .. اما المكان الذي نحن بصدده فهو يقع في المكان الذي تحتله اليوم كنيسة سان مارسيليوس 
ها نحن اﻻن في الدهليز المؤدي الى داخل القصر، وقد نقشت على ارضه الرخامية كلمة "مرحبا" وها نحن نتقدم الى الغرفة اﻻولى في الدار، والتي تحيط بها اﻻعمدة الرخامية، وتقسمها الى صالة وسطى وجناحين جانبيين.
وفي وسط الصالة توجد فسقية دائرية من المرمر تنبثق من وسطها المياه في شكل نافورةن وﻻ تلبث تنكسر رذاذا رقيقا فوق اوان من المرمر تنبت بها الزهور النادرة. 
في وسط الردهة جلست سيدة جليلة، يبدو انها لم تجاوز العقد الرابع من العمر، ولو ان ملامحها ﻻ تبين ذلك، كان الحزن يبدو في تجاعيد وجهها، وفي اسلاك الفضة التي انتشرت في شعرها، ولو ان السلام العميق الهادئ كان يطبع طابعه على مظهرها السمح. كان يبدو من مظهرها البسيط وملابسها العادية وخلو يديها من اﻻساور والخواتم، وعدم اهتمامها بتغطية راسها، انها ﻻ تهتم بما تهتم به نساء عصرها من الزينة والتبرج. ولم يكن يميز ثوبها البسيط اﻻ الشريط القرمزي الذي يشير الى كونها ارملة. ولم يكن يميز جيدها اﻻ سلسلة رقيقة من الذهب تحمل صورة تخفيها في صدرها. وكانت تدعى لوسينا. 
انها مشغولة ومستغرقة فيما تفعل. تمسك بين يديها قطعة من قماش وتطرزها بخيوط من ذهب. ثم تمد يدها بين الحين واﻻخر الى علبة من المرمر وتلتقط لؤلؤة نادرة او ماسة متلالئة وتسلكها ضمن خيوط القماش.
ويستبد بها القلق فتتطلع الى مدخل المكان وكانما تنصت الى وقع اقدام ليست هناك. وترفع حينا راسها لتشاهد غروب الشمس من فتحة بالسقف. ثم يزداد اضطرابها فتهب واقفة. ولكنها قبل ان تخطو الى الخارج تسمع وقع اقدام قوية قادمة. ويشرق محياها وهي تلتقي بالشخص القادم.

ابن الشهيد:
لم يكن ذلك الشخص القادم سوى صبي صغير يتقدم الى الداخل بكل خفة ونشاط، ولم يكن قد تجاوز الرابعة عشرة من من العمر، ولو ان مظهره كان يشير الى انه اكبر من ذلك. كان يتبعه الخادم يحمل الرقوق. الشئ الذي يدل على انه قد عاد للتو من المرسة..
وبدع ان احتضنته امه وقبلته وجلس عند قدميها. بدات تنظر وكانها تستفسر عن سبباب غيابه. ولكنه قابل نظراتها القلقة بابتسامة من الثقة جعلتها تطمئن قليلا. وبعد برهو قالت: ما الذي سبّب تاخرك يا ولدي العزيز؟ ارجو اﻻ يكون هناك ما يكدر..
كلا يا امي الحلوة. كل شئ سار على ما يرام.
ثم ضحك ضحكة صافية وقال:
اظن انه ينبغي ان اخبرك بكل شئ. لقد قرات منذ مدة ان السكيثيين لهم عادة ان يضعوا في اناء حجرا ابيض اللون لليوم السعيد. وحجرا اسود لليوم الكئيب. ولو قدر لي ان اعمل ما يعملون، فلست ادري اي انواع الاحجار اضعه ليومي.
ثم نظر اليها بحب:
قولي بالحقيقة. هل تودين ان تعرفي ما حدث لي اليوم.
اخبرني بكل شئ. ان امورك الخاصة تهمني قبل ان تهمك.
حسنا. لنبدا من البداية. يسرك ان تعرفي انني نلت اكليل النصر في الخطابة في موضوع اختاره معلمنا الطيب "كسيانوس" وكان عنوانه "الفيلسوف الحقيقي ينبغي ان يكون مستعدا للدفاع عن الحق حتى الموت". كانت خطب زملائي اقرب الى الجمود، وما العجب في ذلك؟ فاي حق يمتلكونه حتى يدافعون عنه؟ وما ابعد الفارق بين المسيحي وغير المسيحي بالنسبة لهذا الموضوع! لقد كانت حواسي كلها تلتهب بنار ووجداني يتاجج بلهيب غريب. وانا اكتب واكتب واحاديثك الحلوة تطن في اذنيّ.. وحينما جاء دوري ووقفت على منصة الخطابة وجدت نفسي بدلا من اتحدث عن الفيلسوف اتحدث عن المسيحي وهو يدافع عن ايمانه ولو للموت. 
صمتت برهة ثم قالت:
- فلماذا تاخرت؟
- كان بين الطلبة طالبا قويا .. ﻻحظته يعض على شفتيه غيظا..
- وماذا فعل بك يا ولدي؟
- لم يضرني كثيرا يا امي. ولكنه كان السبب في تأخري
(يستكمل)

ليست هناك تعليقات: