ما الحياة الا ظل يمشي، وما الانسان الا ممثل مسكين يتبختر ساعة على المسرح، ثم لا يسمعه احد.
(ماكبث لشاكسبير)
jتقدم لنا مسرحية ماكبث
مفهوم الشر عند شاكسبير، وقد وصفها البعض انها اعظم مسرحية اخلاقية في تاريخ الادب.
وهي اكثر نضجا من مسرحيته "ريتشارد الثالث" الذي كان شريرا يجد في الشر متعته،
اما ماكبث فيبدأ حياته الاجرامية خائفا مترددا يقدم رجلا ويؤخر اخرى. مسرحية ماكبث تمثل
مأساة ماكبث النبيل الموهوب والقائد المحنك الذي تقود طموحاته الى الخيانة والجريمة،
ويأخذ البعض علي المسرحية ان يقوم شخص بمثل صفاته بعمل اجرامي بشع ولكن يغيب عنهم احتمالات
صدور الشر عن الشخصيات الفاضلة. لم يكن في طبيعة ماكبث نزوع للشر وانما هو مجرد طموح
لا حد له يجعله يفضل ارتكاب الجريمة عن الفشل في تحقيق مطامحه. وان كان الطموح هو الذي
قاد ماكبث الى قتل الملك دانكان فان الخوف قاده الى قتل الحارسين وبانكو وعائلة ماكدف.
بوسعنا ايضا ان
نلمس الشبه الشديد بين حديث ماكبث مع الساحرات اللاتي يتنبأن له بنوال العرش وبين حديث
ايفان كرومازوف مع الشيطان من حيث ان الحديثان يصوران الصراع الدائر في نفسيهما.
اسمعه يقول:
"اني امرؤ تلقى من يد الدنيا ابشع
الضربات حتى غدوت لا ابالي بما اصنعه او يصيبني حتى انتقم منها، وبت على استعداد
للمخاطرة بحياتي في سبيل تغييرها او التخلص منها".
"تريد المجد وعندك
كثير من الطموح. ولكنك اكثر رحمة وانسانية مما ينبغي، مما سيحول بينك وبين اختيار أقصر الطرق نوال مرادك. تريد نيل المعالي دون ان ترتكب
ما يخل بالشرف."
وهي مسرحية تتناول موضوع نوال الجزاء في
الحياة الدنيا.
"احساسي بالذنب
يجعلني افضّل فقد الاحساس بنفسي. لقد خيّل اليّ انني سمعت صوتا يصيح: "لن
تعرف النوم الهادئ بعد اليوم. النوم البرئ النوم الذي يزيل معاناة اليوم. ذلك
الموت اليومي الذي يختم حياة كل نهار. ليدفع
عنا الكلل و يضمد جراح الاذهان ويمدنا بالقوة على العيش".
ثم القلق المستمر.
"ما هذا الذي
اصابني حتى بات كل صوت يخيفني.
اني افضّل الاعدام، عن ان تقض مضجعي الاحلام
المزعجة التي ترتعد لها فرائصي كل يوم او يغشاني الخوف كلما جلست الى طعامي.
وحتى اذا تبلد الضمير فثمة الافتقار الدائم
الى الاحساس بالامان.
"لا قيمة للملك ان
لم اكن آمنا في ملكي. انني لا اخشى سواه فنجمي هو دائما باهت الضوء الى جوار نجمه."
وسرعان ما تنشأ الرغبة في ضرورة مواصلة الشر والاستمرار
في السير في طريقه حتى النهاية والعجز عن الاقلاع عنه.
"فما بدأناه من شر يقوى بالمزيد من
الشر". وهذا يشبه القول المشهور "الهزائم تقود الى هزائم اخرى".
"قد اصبنا الافعى دون ان نقتلها.
وستندمل هذه الجراح ولكننا سنكون في خطر من انيابها".
"لقد عشت بما يكفي حت اصفرّت اوقات عمري
واوشكت على السقوط. والان ارى عزمي وقد وهن وبدأت املُّ الحياة واتطلع الى نهاية
العالم".
واخيرا فان ماكبيث هي مأساة
رجل لا اخلاق له في عالم اخلاقي، وهي عكس مسرحية "هاملت" التي تمثل ماساة
رجل كريم الخلق في عالم لا اخلاقي.