Blindness by José Saramago
My rating: 3 of 5 stars
احد اهم الروايات التي تحاول الاجابة عن السؤال "لماذا تنشأ الحروب؟" هو رواية "العمى" للكاتب "جوزيه ساراماغو". تدور احداث الرواية حول وباء من نوع غريب "العمى الأبيض" يجتاح بلد لم يذكر اسمها. ومحاولات اجراء حجر صحي للمكفوفين في مستشفى مهجور للامراض العقلية تفشل في احتواء الوباء. قبل أن نعرف اكثر عن الرواية، اود ان اقول اننا نعيش في عالم "وضع في الشرير" عالم ملئ بالشر والعنف والكراهية، حيث العدو الحقيقي ليس هو امراض الجسد ولكن امراض الروح. الناس أنفسهم اعداء ﻻنفسهم، حتى بات البعض يردد دائما في صلاته "نجنا يا رب من شر انفسنا". امراض الروح هذه يمكن أن نراها في الرواية، ونرى الناس على حقيقتهم من خلال الشخص الوحيد المبصر وهو هنا شخصية "زوجة الطبيب" .
ربما فقط في عالم المكفوفين الأمور تظهر على حقيقتها. واقصد ان تظهر الطبيعة الحقيقية للبشر من طمع وانانية .. مع انتشار وباء العمى، نرى تفكك المجتمع، تماما كما شهدنا تدمير البشرية فى منطقة الحجر الصحى. البراز يغطي الأرصفة والكلاب تحوم على الجثث، بحث العميان في محاولات غير مجدية للعثور على الطعام في القمامة. إن العالم صورة قاتمة من الخراب والدمار. ربما هذا يصور حال البشرية بدون نعمة البصيرة التي اعطاها الله للبشر. من خلال الضمير والعقل القادر على التمييز بين الخير والشر.
نحن لا نعرف لماذا حدث ذلك الوباء. وسواءا كان اختبارا من الله أو تحذيرا أو عقابا للبشر. ينتابنا شعور مزعجا أن العمى الحقيقي كان موجودا من قبل - العمى تجاه الآخرين، والعمى نحو معرفة حقيقة النفس. جاء العمى الجسدي ليكون بمثابة وسيلة لكشف النقاب عن كل انواع العمى السابقة. ان العمى كان موجودا ولكنه لم يظهر من قبل لأنه كان من السهل أن نتغاضى عنه. هذا العمى يتمثل في الخوف ، الجشع. احتقار الاخرين، الكراهية. الأنانية. حب السلطة. الجبن. اللامبالاة. الزنا. الاغتصاب. القتل. السرقة. الجهل. إلقاء اللوم على اﻻخرين. كل شيء سئ كان موجودا بالفعل من قبل، وجاء وباء العمى ليظهره. وبما انه كان واضحا ان المجتمع يتلاشى وينهار، فإن السؤال عن الوسيلة لعودة الإنسانية مجددا يثار.
إن بقايا الانسانية هي أشعة الأمل الوحيدة في هذا العالم القاتم. جاءت شخصية زوجة الطبيب الشخصية الوحيدة التي احتفظت ببصرها في الرواية لتبث هذا اﻻمل. ولماذا احتفظت ببصرها؟ هل كان ذلك لأنها الأكثر إنسانية؟ و هل احتفظت بإنسانيتها لأنها احتفظت ببصرها؟ لا نعرف؟ تتسم بالهدوء وترعى من حولها، تقود المكفوفين، وتعتني بالنساء المغتصبات، تبكى على القتلى ولكنها تقتل ايضا إذا توجب ذلك. إنها تلتصق بأخلاقها الا إذا اضطرت إلى انتهاكها. هي الضوء الموجه والبطل الهادئ في هذا العالم من الظلام الابيض، وتقول مقولتها الشهيرة: "اذا لم نكن نعيش كالبشر على الاقل، فسنحاول على الاقل ان نفعل كل ما في وسعنا حتى ﻻ نعيش تماما مثل الحيوانات".
كل ما سبق يشرح حال البشر بدون الضمير. لكن هل كان الضمير كافيا؟ .. لا. لاننا وجدنا الكثيرون فقدوا ضميرهم او اصبح لهم "الضمير الواسع" الذي يبلع الجمل. هل كان العقل كافيا؟ الجواب ايضا: لا.. لاننا البشر يرتكبون حماقات لا حد لها. ربما الرواية تشرح لنا ما هي عليه فعلا طبيعة البشر التي شوهتها الخطية الاصلية، المعصية الاولى، ودخول جرثومة الشر للانسان. وكما يقول احدهم "لا استطيع ان اصدق ان أكرم الناس خلقا معرضون ان يسلكوا ليس فقط في خسة ودناءة، و لكن ايضا في وحشية و شراسة. هل لان الانسان الطبيعي في افضل حالاته لا يفقد طبيعته الوحشية، فمرة تراه قد وطأت قدماه مسالك مستقيمة مقدسة، و في اللحظة التالية يزحف على بطنه كالحية في عدن، و يأكل ترابا من الارض".
View all my reviews
My rating: 3 of 5 stars
احد اهم الروايات التي تحاول الاجابة عن السؤال "لماذا تنشأ الحروب؟" هو رواية "العمى" للكاتب "جوزيه ساراماغو". تدور احداث الرواية حول وباء من نوع غريب "العمى الأبيض" يجتاح بلد لم يذكر اسمها. ومحاولات اجراء حجر صحي للمكفوفين في مستشفى مهجور للامراض العقلية تفشل في احتواء الوباء. قبل أن نعرف اكثر عن الرواية، اود ان اقول اننا نعيش في عالم "وضع في الشرير" عالم ملئ بالشر والعنف والكراهية، حيث العدو الحقيقي ليس هو امراض الجسد ولكن امراض الروح. الناس أنفسهم اعداء ﻻنفسهم، حتى بات البعض يردد دائما في صلاته "نجنا يا رب من شر انفسنا". امراض الروح هذه يمكن أن نراها في الرواية، ونرى الناس على حقيقتهم من خلال الشخص الوحيد المبصر وهو هنا شخصية "زوجة الطبيب" .
ربما فقط في عالم المكفوفين الأمور تظهر على حقيقتها. واقصد ان تظهر الطبيعة الحقيقية للبشر من طمع وانانية .. مع انتشار وباء العمى، نرى تفكك المجتمع، تماما كما شهدنا تدمير البشرية فى منطقة الحجر الصحى. البراز يغطي الأرصفة والكلاب تحوم على الجثث، بحث العميان في محاولات غير مجدية للعثور على الطعام في القمامة. إن العالم صورة قاتمة من الخراب والدمار. ربما هذا يصور حال البشرية بدون نعمة البصيرة التي اعطاها الله للبشر. من خلال الضمير والعقل القادر على التمييز بين الخير والشر.
نحن لا نعرف لماذا حدث ذلك الوباء. وسواءا كان اختبارا من الله أو تحذيرا أو عقابا للبشر. ينتابنا شعور مزعجا أن العمى الحقيقي كان موجودا من قبل - العمى تجاه الآخرين، والعمى نحو معرفة حقيقة النفس. جاء العمى الجسدي ليكون بمثابة وسيلة لكشف النقاب عن كل انواع العمى السابقة. ان العمى كان موجودا ولكنه لم يظهر من قبل لأنه كان من السهل أن نتغاضى عنه. هذا العمى يتمثل في الخوف ، الجشع. احتقار الاخرين، الكراهية. الأنانية. حب السلطة. الجبن. اللامبالاة. الزنا. الاغتصاب. القتل. السرقة. الجهل. إلقاء اللوم على اﻻخرين. كل شيء سئ كان موجودا بالفعل من قبل، وجاء وباء العمى ليظهره. وبما انه كان واضحا ان المجتمع يتلاشى وينهار، فإن السؤال عن الوسيلة لعودة الإنسانية مجددا يثار.
إن بقايا الانسانية هي أشعة الأمل الوحيدة في هذا العالم القاتم. جاءت شخصية زوجة الطبيب الشخصية الوحيدة التي احتفظت ببصرها في الرواية لتبث هذا اﻻمل. ولماذا احتفظت ببصرها؟ هل كان ذلك لأنها الأكثر إنسانية؟ و هل احتفظت بإنسانيتها لأنها احتفظت ببصرها؟ لا نعرف؟ تتسم بالهدوء وترعى من حولها، تقود المكفوفين، وتعتني بالنساء المغتصبات، تبكى على القتلى ولكنها تقتل ايضا إذا توجب ذلك. إنها تلتصق بأخلاقها الا إذا اضطرت إلى انتهاكها. هي الضوء الموجه والبطل الهادئ في هذا العالم من الظلام الابيض، وتقول مقولتها الشهيرة: "اذا لم نكن نعيش كالبشر على الاقل، فسنحاول على الاقل ان نفعل كل ما في وسعنا حتى ﻻ نعيش تماما مثل الحيوانات".
كل ما سبق يشرح حال البشر بدون الضمير. لكن هل كان الضمير كافيا؟ .. لا. لاننا وجدنا الكثيرون فقدوا ضميرهم او اصبح لهم "الضمير الواسع" الذي يبلع الجمل. هل كان العقل كافيا؟ الجواب ايضا: لا.. لاننا البشر يرتكبون حماقات لا حد لها. ربما الرواية تشرح لنا ما هي عليه فعلا طبيعة البشر التي شوهتها الخطية الاصلية، المعصية الاولى، ودخول جرثومة الشر للانسان. وكما يقول احدهم "لا استطيع ان اصدق ان أكرم الناس خلقا معرضون ان يسلكوا ليس فقط في خسة ودناءة، و لكن ايضا في وحشية و شراسة. هل لان الانسان الطبيعي في افضل حالاته لا يفقد طبيعته الوحشية، فمرة تراه قد وطأت قدماه مسالك مستقيمة مقدسة، و في اللحظة التالية يزحف على بطنه كالحية في عدن، و يأكل ترابا من الارض".
وكما جاء العمى بغتة، زال بغتة، بل قد لا يكون قد زال حقا، او كما تقول زوجة الطبيب “لا أعتقد أننا عمينا، بل أعتقد أننا عميان، عميان يرون، بشر عميان يستطيعون أن يروا، لكنهم لا يرون”.
وهذه العبارة تكشف عن هدف الكاتب من هذه الرواية فهي رواية عن العمى بهدف ازالة العمى. العمى هنا هو فقدان البصيرة واﻻدراك في عالم يتخبط في الظلام. تبديد الظلام هو الهدف من ارسال الله اﻻنبياء للبشر "تتلمس الحائط كعمي وكالذي بلا اعين نتجسس.قد عثرنا في الظهر كما في العتمة.في الضباب كموتى"(اش59: 10).
http://arabic-bookshop.blogspot.com/2...
وهذه العبارة تكشف عن هدف الكاتب من هذه الرواية فهي رواية عن العمى بهدف ازالة العمى. العمى هنا هو فقدان البصيرة واﻻدراك في عالم يتخبط في الظلام. تبديد الظلام هو الهدف من ارسال الله اﻻنبياء للبشر "تتلمس الحائط كعمي وكالذي بلا اعين نتجسس.قد عثرنا في الظهر كما في العتمة.في الضباب كموتى"(اش59: 10).
لا أحتمل كثير من الناس المنشغلين فقط في إشعاع النور على أنفسهم. فهم يقيمون حفلات يسلطون فيها الأنوار بعضهم على بعض. أضواء كثيرة! مخزون فائض من النور! ينيما الواجب يحتم أن نضيء العالم بأسره. أضئ نورك في الظلام؛ فهناك حاجة ماسة إليه. وفّر القليل من الوقت الذي تقضيه في عالمك الصغير حولك المضاء جيداً لكي تصرفه هناك حيث الظلام! لقد كانت هذه العبارة التي قالها {س. ت. ستاد} موضع تقديري وإعجابي لسنين مضت. قال:
(يتمنى بعضنا أن يعيشوا في كنف الصوت الصادر من اماكن العبادة أو قريبا من رنين جرس الكنيسة، لكنني أريد أن أدير مكتب إنقاذ على بعد أمتار من باب جهنم).
لقراءة اقتباس من الرواية:
View all my reviews