15 ديسمبر 2015

رواية انّا كارنينا


ابتسم ابتسامة بلهاء وحملق فيها دون ان ينبس ببنت شفا هنيهة ثم راح يقول:
- وهل صادفك التوفيق في مهمتك؟ هل نجحت حيث اخفق غيرك؟" فلاح البشر على محياها واجابت:
"كل التوفيق والحمد لله.. لقد كان الخصام على اشده بين اخي وزوجته ولولا وجودي لانفصل الاثنان وتصدع البنيان وتشتت الاسرة".
طفقت تقص عليه بالتفصيل دقائق رحلتها.. تململ بعد عدة لحظات وقاطعها قائلا:
"على اني مسرور لنجاحك في ازالة الغمامة التي ظللت سماء العائلة". ونظر الى ساعته، واردف: "اما الان فانا ذاهب، يجب ان اذهب الى عملي". فتمتمت بصوت خافت: "لترافقك السلامة يا زوجي العزيز!".
واتبعته بنظرها ، وناجت نفسها: "انه خير الرجال.. افضل الازواج.. كم هو بارع، بارز، مخلص!".
فهل ارادت من كلماتها ان ترجح كفته على كفة سواه؟ هل تحارب احساسا غامضا يصرفها عنه صرفا شديدا؟ ثم انتقلت بمخيلتها الى فرونسكي، فرأته واعجبت به، وتساءل مغضبة: "تبا له لماذا نظر اليّ هكذا؟" وهزت رأسها.

كانت العربة قد وصلت الى المنزل.. وحالما ترجلت انّا امام منزلها هرع اليها ابنها سيرج فضمته اليها في حب وشوق، وطبعت على وجنته قبلة اودعتها اغلى عاطفة، قبلة مخلصة مملوءة شوقا وحنانا.. قبلة ام.
وعادت الى نفسها – هنا مملكتها الصغيرة، ونسيت فرونسكي ، ونسيت تأنيب ضميرها، ونسيت خجلها من سؤال زوجها، وما فكرت الا في بيتها وفي زوجها.

شرعت بعد قليل تسخر من نفسها – كيف تعجب بشاب لم تره الا مرات قليلة؟ ثم كيف تفكر فيه وكلامه ليس فيه اغراء ولا بارقة ذكاء.. وقالت تناجي نفسها: "والاجدر بي ان ازيل من ذاكرتي ما صادفني وما طرق سمعي، فلا احدث زوجي بأمر تافه لا يستأهل التفكير!".

ليست هناك تعليقات: