تقنيات السرد الروائي
د. يمني العيد
منقول بتصرف
الحبكة:
هي العقدة ولها بداية ووسط او ذروة ونهاية او حل. فمثلا في قصة الجرجور كانت العقدة اﻻولى هي مواجهة الفتاة مشكلة عدم العودة الى المنزل بعد ان قطفت التوت، وتنتهي بحل جزئي وهو الزواج بالجرجور (او الغول) والعيش بسعادة معه.
ثم المشكلة الثانية حين دفعها الفضول للتعرف على سر القنطور وحين تعرف وحشيته تشعر بالتعاسة. وحين تعثر على اخيها تظن انه المخلص ويخيب ظنها بقتله.
والمشكلة الثالثة وحشية القنطور في قتل اخيها. وهنا تتعقد الازمة وتبدو ان القصة تنتهي نهاية تعيسة.
والجزء الرابع والاخير من القصة نجد فيه الحل باستعادة اﻻخ (وﻻدته من الشجرة)، وقتل القنطور الذي قتل اخاها، واخيرا العودة الى البيت.
وهنا عقدة تؤدي الى العقدة ثم حين تحل العقدة اﻻخيرة تحل باقي العقد.
العلاقات بين الشخوص في السرد:
العلاقات تدفعها حوافز ثلاث هي: الحب والبوح بالأسرار والمساعدة. وعكسها: الكره والكتمان واخيرا الاعاقة.
الزمن في الرواية:
ينقسم الى ثلاث.
1- زمن القص او الحكي.
2- الترتيب الزمني.
3- المدة.
اوﻻ- زمن الحكي:
الماضي او المضارع.
ثانيا – الترتيب الزمني:
يلجا اليه الراوي عن طريق التذكر ﻻحداث ماضية.
ثالثا: المدة:
هي اربع انواع:
1- القفز: مسافة القول غير الواقع اذ تصغرها كثيرا. كان يقول "مرت سنوات..”.
2- اﻻستراحة: وهي عكس القفز. حين يتوقف الراوي عن الكلام عن احداث ليصف. مثل حين يصف معبد عشتاروث في قصة "اﻻجنحة المتكسرة". ويستمر الوصف صفحتين في حين ان مدة الزمن على مستوى الواقع صفرا.
3- المشهد: يغيب الراوي ويتقدم الكلام كحوار بين صوتين. وهنا تطابق مدة الزمن على مستوى الواقع الطول الذي تستغرقه على مستوى القول. ﻻننا نصغي الى شخصين يتحاوران.
4- اﻻيجاز: تغطي وبمرونة الحقل الواقع بين المشهد والقفز. فاذا كان القفز يجعل الزمن القول اقل بما ﻻ نهاية من الواقع فان اﻻيجاز تجعل من زمن الحكي زمنا اقصر فقط من زمن الواقع. مثلا في قصة "خليل الكافر". يقول الراوي "اقبل الشتاء واشبع سكان القرية اهراء الشيخ عباس من الغلة.. وهم حين يجلسون الى المواقد يتذكروا اثار اﻻجيل الغابرة ويروون حكايات..”.
*
هيئة القص او شكل الحكي:
يختبئ الراوي خلف ما يقصه، او يحيّد نفسه ويسمى عندها الراوي الشاهد مثل روايات جيمس جويس وسارتر.. لكن ليس الراوي دائما شاهد. وكثيرا ما لجا الكتاب الى تنويع الراوي في العمل الواحد.
وانواع الرواة:
- راو يحلل اﻻحداث من الداخل.
- راوي يراقب اﻻحداث من الخارج.
اوﻻ -راو يحلل اﻻحداث من الداخل هو واحد من اثنين:
- بطل يروي قصته بضمير انا.
- راو يعرف كل شئ. انه كلي المعرفة رغم انه راو غير حاضر.
ثانيا - راوي يراقب اﻻحداث من الخارج فهو واحد من اثنين ايضا:
- راو شاهد وهو بهذا حاضر لكنه ﻻ يتدخل.
- راوي يروي وﻻ يحلل . وهو بهذا غير حاضر، لكنه ﻻ يسقط المسافة بينه وبين اﻻحداث.
يعتبر الراوي كلي المعرفة راويا سيئا. اذ يغيب عنصر اﻻقناع بكثرة تدخله في شخوص الرواية.
*
1- الراوي البطل: مثلا يقول "عدت بعد سبعة اعوام الى قريتي. اشعر بالثلج يذوب في دخيلتي..”.
2- الراوي كلي المعرفة: يتحدث بضمير الغائب. مثلا اقرا المقطع التالي "اتفق الثلاثة على درس الموضوع.. تمهيدا لساعة الصفر.. كان هاجس الاسرائيليين معرفة كيف تمكن الثلاثة من اﻻفلات..”. الروائي حاضر بشكل مكشوف، فهو يرى السيارة الجيب وهي قادمة للعملية. ثم يرى الاسرائيليين وهم يعتقلون عناصر الحاجز ويعرف هاجسهم.. لقد نقل مجموعة من اﻻخبار باسلوب سردي.
ﻻ مبرر لمعرفته هذه سوى انه الكاتب. لذا فمن الطبيعي ان يعرف كل شئ.
يمكنا ان نقدم تعديلا للتخفيف من حجة انكشاف الكاتب.
(اتفق اﻻصدقاء الثلاثة على ساعة الصفر لتنفيذ العملية الفدائية… في اليوم التالي نشرت بعض الصحف .. ان اﻻسرائيليين اعتقلوا جميع عناصر الحاجز وبداوا محاكماتهم.. محمود الذي قرا الخبر قال:
ﻻ شك انهم يتحرقون لمعرفة كيف امكننا اﻻفلات).
التعديلات التي ادخلت سمحت للكاتب ان يتستر وراء شخصية محمود وثانيا خلف الصحيفة. فبان كمن ينقل المسموع (ما قاله محمود) والمقروء (الصحيفة).
3- الراوي الشاهد: حاضر لكنه ﻻ يتدخل. ينقل عن مسافة بينه وبين من يروي عنه. مثله مثل العين التي تكتفي بنقل ما ترى او اﻻذن تنقل ما تسمع. اي انه تقنية الة صماء. وعليه فاﻻحداث ﻻ تتوالى. اي ان السرد يتكسر فيه الزمن.
ان تقنية الشاهد تتطلب مهارة اذ ان اهمية الشاهد ﻻ في كونه مجرد عمل الي ولكنها في جعل بنية الشكل تقول.
مثلا نقرا (على الرصيف المقابل يمشين كما لو كن اخر القافلة. تميل الواحدة على اذن اخرى..).
ان الراوي هنا يقف على الرصيف المقابل. انه حاضر لكنه ﻻ يريد ان يتدخل. يصف كمشاهد. والشخوص نكرات بالنسبة له، ﻻ اسماء لهن. وﻻ يتعرض للكلام الذي قالته واحدة لاخرى.
+
نمط القص او الحكي:
اذا كان الكلام عن هيئة القص يخص الكيفية التي بها يرى الراوي ما يروى، فتكشف عن العلاقة بينه وبين المروى. فان الكلام عن نمط القص يخص الصياغة كاسلوب. اي يجيب عن اﻻسئلة التالية:
كيف يرى الراوي ما يرى او ما يعرفه من اخبار؟
هل يروي تفاصيل وينقل حرفيا من مرجع؟
هل يختصر؟
هل يدع الشخصيات تقول بصوتها ام بصوته عنها؟ ام يداخل بين صوتها وصوته؟ وكيف؟
1- نمط اسلوبي يفيد المباشرة:
الراوي يترك الكلام للشخصية. نطق الشخصية هو كلامها باسلوبها المميز والمختلف عن القول السردي. ويكون هذا عن طريق:
- الحوار: مع اخر.
استعمال ضمير انا. فهي تتكلم عن نفسها.
استعمال المضارع. وهي يقتضيها الحوار ﻻنه في زمن حاضر.
مثال لكلام السرد يقطع ليترك المجال للشخصية:
“بكت المراة دموعا غزيرة وتمتمت: “ولدي يطالبك ب..”. السرد في زمن الماضي لكن الكلام بصيغة المضارع.
2- نمط اسلوبي يفيد لامباشرة:
الكلام للراوي وان بدا لنا بوضوح انه لشخصية من الشخصيات. فالراوي مثلا يقول :
(بكت المراة دموعا غزيرة وتمتمت بان ولدها كان يطالبه ..”.
3- نمط اسلوبي ﻻ مباشر حر:
ولعله اﻻكثر استخداما في السرد الحديث. نمط يداخل بين الراوي ونطق الشخصية. فيبدو الكلام ملتبسا. واﻻلتباس هنا يكسب الكلام طابع الشفوية ويحفظ عفويته وبساطته. كان تكون صيغة العبارة السابقة هكذا:
(كانت المراة قد بكت دموعا غزيرة متمتمة: ان ولدها يطالبه..).
وبذلك بدت التمتمة وكانها تقع في الحاضر.
نلاحظ حرص الكاتب على جعل الكلام بصوت المراة فوضع نقطتين بعد "متمتمة" كانه بذلك يشير الى توقف صوته ليبدا صوتها. لكن جملة "ان ولدها يطالبه" لم توضع بين مزدوجين (في حوار). كان الراوي يشير بذلك الى انها ليست تماما نطق المراة.
وهكذا امكن اﻻيحاء بتداخل الصوتين. وفي هذا اﻻلتباس احتفظ الكلام بنبرة صوت صاحبته.
+
زاوية القص او الحكي - الموقع:
زاوية الرؤية، هذا المصطلح يجد اتساقه مع مفهوم الراوي الشاهد.
اما الموقع فهو يحدد علاقات العناصر.
ﻻ شك ان بين لمصطلحين شيئا من التداخل فكلاهما يشير الى علاقة ما بين الراوي والمروى.
تحليل البنوية في رواية ارابيسك لانطون شماس:
في هذا الفضاء الذي يلف وجود اناس ، وتختلط فيه الخرافة بالواقع، ويتماهى اﻻسطوري بالتاريخي.. كل شئ في الرواية يبدو متداخلا. والدخول فيه لين مدفوع باغراءات من ظواهر سحرية، وبفضول لكشف مغالق كلام سري. كلام رمزي يقترب من الشعر، ويحيل على مرجعية تستند الى التاريخ وتستدعي اﻻديان وعادات الحي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق