19 يوليو 2015

الارواح المتمردة


لم ارى حولي سوى خيال الموت المريع منتصبا بين الجثث الملطخة بالدماء. واصغيت فلم اسمع غير عويل العدم ممزوجا بنعاب الغربان الحائمة حول فريسة احكام البشر غير العادلة. ثلاثة من ابناء ادم كانوا بالامس بين احضان الحياة فاصبحوا اليوم في قبضة الموت.
من الذي رجم هذه الزانية؟ هل هم نساك طاهرون اتوا من صوامعهم، أم بشر يأتون المنكرات هم ايضا؟ ومن الذي قتل هذا الصبي؟ ولأي سبب؟..
في اي جيل من الاجيال سارت الملائكة بين الناس قائلين "افنوا الساقطين بحد السيف، ودوسوا الخطاة باقدام من حديد؟"..
وظلت هذه الافكار تتزاحم على عقلي وتنهل من عاطفتي حتى سمعت وطء اقدام قريبة مني فنظرت واذا فتاة قد ظهرت من بين الاشجار، واقتربت من الجثة متحذرة متلفتة بخوف الى كل ناحية. حتى اذا ما رأت رأس الفتى المقطوع صرخت جزعا، وركعت بجانبه وطوقته بزنديها المرتجفين، واخذت تهمر الدموع وهي تلامس شعره باطراف اصابعها وتنتحب بصوت عميق جارح، وعندما انهكها البكاء اسرعت تحفر التراب بيديها، حتى اذا ما حفرت قبرا وسيعا سحبت اليه جثة الفتى المصروع وغمرتها بالتراب.

رواية الارواح المتمردة - جبران خليل جبران

ليست هناك تعليقات: